قال فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، إن الأمة تعيش أيامًا مباركة سجلت الأحاديث النبوية فضلها، وهي العشر الأوائل من ذي الحجة، ففيها يقام فرض الحج وهو آخر أركان الإسلام، وقد سميت سورة في القرآن باسم «الحج» ولم تسمى سورة في القرآن باسم الصلاة أو الصيام مثلًا ولكن الحج سميت باسمه سورة كاملة.
وأضاف الدكتور الهدهد خلال إلقائه خطبة الجمعة بالجامع الأزهر اليوم بعنوان «وبشر المخبتين»، أن السورة تحدثت في إطار فريضة الحج عن «المخبتين»، وهي صفة من أوصاف أهل الإيمان، والإخبات يطلق على الأرض السهلة المطمئنة التي لا تتعب السائلين عليها ولا الماشين فيها، فهذا الوصف جعل وصفًا لأهل التواضع لأن الحج يدرب الأمة على التواضع، فلا تمييز فيه بين غني ولا فقير، فلا تستطيع عند الكعبة أن تميز أحدًا على أحد، وهكذا يكون الشأن عند العرض على رب العالمين، فهو يدرب الأمة على التواضع لأن الكبر يدعو أهله إلى الابتعاد عن الفقراء، لكن في الحج الجميع سواسية.
وأكمل فضيلته أن الإخبات أعلى وصفًا من التواضع، فالأرض المخبتة تسمح لجميع الخلق بالسير عليها، حتى من يصنع بها غير المعروف، والمخبت كذلك يتعامل مع الجميع ويدفع السيئة بالحسنة ويقدم الخير ويصنع المعروف في أهله وغير أهله، مضيفًا أن الحج يحتاج إلى تدريب قبله ولذلك قال الحق سبحانه (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)، مع أن الشعائر تقام في أيام معدودات ولكن الاستعداد للحج يحتاج أشهرًا من التدرب، حتى إذا جاءت أيام تأدية شعائر الحج كان الإنسان في درجة عالية من الإخبات وصفاء الروح، والذي يتعلم الإخبات من الحج يرجع كيوم ولدته أمه لا يظلم أحدًا ولا يبغي على أحد.
وأكد الدكتور الهدهد أن الحج يدرب الأمة على التواضع ويذكرنا بيوم القيامة حيث الناس جميعًا متساوون لبسًا وحركة ومظهرًا، فهو أكثر أركان الإسلام تذكيرًا بيوم الحشر ويوم العرض على رب العالمين، وقد بدأت هذه السورة بالتذكير بيوم الحشر (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا).