منها «ديكتاتورية السلطان».. أسباب انهيار «الليرة التركية»
واصلت «الليرة التركية» انهيارها من جديد أمام الدولار خلال تعاملات الشهر الماضي، ويعود هذا الركود بدرجة كبيرة إلى تضخم الذي شهده الاقتصاد التركي، فضلا عن عدم ثقة الأسواق بالسياسات الاقتصادية، التي تعتمدها السلطات في أنقرة.
وأرجع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انهيار عملة بلاده إلى ما وصفه بالـ«مؤامرة الخارجية»، وهو ما أعتاد على قوله خلال الأزمات التي تعرضت لها أنقرة في السنوات الماضية.
ويرى الخبراء أن الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها تركيا سوف تسوء بشكل أكبر مما هي عليه الآن، ومن المحتمل أن تواجه القطاعات الاقتصادية مخاطر أكثر خلال العام الجاري.
ونرصد خلال التقرير الآتي الأسباب التي أدت لإنهيار الاقتصاد التركي ..
سعر الفائدة وإقالة محافظ البنك المركزي
يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الإبقاء على سعر الفائدة، هو العقبة الأكبر أمام نمو الاقتصاد التركي، ووصفها بـ«أم الشرور»، حيث يرى أن خفض سعر الفائدة يدفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد وينعش الاقتصاد.
وقال أردوغان خلال اجتماع مع أعضاء في حزب العدالة والتنمية في أنقرة، إن «المؤامرة الخارجية تسعى إلى زيادة أسعار الفائدة، وشل نمو الاقتصاد التركي»، وقد عبر مراراً عن استيائه من الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند مستوياته.
كن هذا على عكس ما يؤكده البنك المركزي، وهو ما دفعه في يونيو الماضي للرفض، والبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، وهو ما دفع أردوغان بقرار ديكتاتوري لإقالة محافظ البنك المركزي، وتعيين أحد الأشخاص المقربين له من حزب العدالة والتنمية، لتميز سياساته الاقتصادية لمواجهة هذا العجز.
اقرأ أيضا: صحف عالمية: إقالة محافظ المركزي التركي «صادمة».. وخبراء: «اقتصادنا أسير»
ويقول المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية دكتور بشير عبدالفتاح، في تصريحات خاصة «لبوابة »، إن إصرار أردوغان على تقليل سعر الفائدة أدي إلى نتائج عكسية، ومزيد من التدهور الاقتصادي.
وأكد د. بشير أن شخصنة القرارات السياسية من خلال اعتماد أردوغان على صهره بيرات البيرق الذي يشغل منصب وزير المالية، وتدخله في إقالة محافظ البنك المركزي أدى لتراجع سعر الليرة أمام الدولار.
وأضاف أن تراجع الصادرات التركية في الآونة الأخيرة وتراجع الطلب على الليرة، دفع المواطن التركي للمصارعة في شراء الدولار والتخلص من الليرة.
تراجع شعبية أردوغان
بينما أشار الخبير في الشأن التركي د. مصطفى صلاح، في تصريحات خاصة لبوابة ، أن شهر مايو الماضي شهد تراجع كبير في قيمة الاحتياطي النقدي بلغ قيمته 6 مليار دولار.
وقال د. مصطفى إن تراجع شعبية أردوغان، وصعود نجم المعارضة أكرم إمام أغلو صاحب الشخصية ذات الكاريزما الكبيرة، الذي ينافسه في أقرب انتخابات المقرر عقدها في 2023، هو أحد أسباب تراجع الليرة في تركيا وانهيار الاقتصاد.
اقرأ أيضًا: تركيا تجنى عواقب الـ«إس 400» بضياع حلم تصنيع «الشبح»
وأكد د. مصطفي أن مؤشر الانتخابات البلدية التي أظهرت تراجع شعبية العدالة والتنمية، وفوز المعارضة في هذه البلدية يؤدي لطرح العديد من الإشكاليات حول استفادة حزب العدالة والتنمية من خيرات هذه البلدة، وخاصة أن مدينة إسطنبول تحتوي على 70% من الاحتياطي الاقتصادي الذي يحول عليه حزب العدالة والتنمية، ويستخدمه في تحقيق أهدافه سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
وأضاف د. مصطفى أن أردوغان حاول أن يستخدم صلاحياته في إعاقة صلاحيات أكرم إمام أغلو، فيما يتعلق بسلطة تعيين رؤساء شركات البلدية من خلال برلمان البلدية الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية.
انشقاقات داخل العدالة والتنمية
قال الخبير في الشأن التركي د. مصطفى صلاح إن الانشقاقات الحزبية، وتخصيص قرارات حزب العدالة والتنمية لصالح أردوغان في اتخاذ القرارات، وكل هذه الأمور التي ظهرت على السطح مع تقديم أحمد داود أغلو وعلي باباجان وعبدالله جول استقالتهم من حزب العدالة والتنمية.
وأكد د. مصطفى أن استقالة هذه الرموز تمثل معادلة فارقة في عمر حزبية العدالة التنمية، خاصة وأن الإصدارات التي تمت من جانبهم تتعلق بمسار حركة الحزب ورؤيته الداخلية للأجندة التي أنشأ على أساسها.
وأضاف أن خروج هذه القيادات تمثل مجال ضغط على السياسات الاقتصادية والسياسية التي ينتهجها الحزب سواء في الشأن الداخلي لتركيا أو خارجها.
العقوبات على أنقرة
بدأت تركيا تتلقى العقوبات من شركائها، نتيجة سياستها التصعيدية لبعض الدول، سواء الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال د. مصطفي صلاح الخبير في الشأن التركي إن تركيا تنتهج سياسية تصعيدية تجاه قبرص واليونان، الأقرب للاتحاد الأوروبي من أنقرة، وبالتالي تم التلويح من جانب المجلس الأوروبي بفرض العقوبات على تركيا على خلفية نشاطها التصعيدي، من أعمال حفر و تنقيب في المناطق الاقتصادية الخالصة بهذة الدول.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فرضت حزمة من العقوبات على تركيا خلال الشهر الماضي، لإتمام أنقرة صفقة الأسلحة الروسية إس 400 .
كل هذه الأمور في المجمل تؤشر على حجم الضغوط التي تتعرض لها تركيا سواء من الداخل أو من الخارج.