كانت العراقية نجلاء عماد لفته، في عمر الثلاث سنوات حينما انفجرت قنبلة كانت مزروعة أسفل سيارة والدها، لتواجه بعد ذلك مصيرا مختلفًا واجهته بالتحدي والإصرار على النجاح.
الفتاة من مدينة بعقوبة العراقية استطاعت وهي في سن الرابعة عشر أن تتحول من مجرد ضحية فقدت ثلاثة من أطرافها بسبب الحادث المأساوي، إلى بطلة رياضية صنعت آخر إنجازاتها في مصر.
وفي تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ظهرت نجلاء التي فقدت فقدت ذراعها وساقيها في الحادث، وهي تمارس لعبة تنس الطاولة في ركن منزلها.
حصدت الفتاة على ميداليتها الفضية الرابعة وبرونزيتها الرابعة أيضًا خلال بطولة دولية في مصر خلال شهر يونيو الماضي.
وقالت للصحيفة الأمريكية "في الصف الدراسي الرابع، أدركت أنني مختلفة عن بقية زميلاتي". تحدثت نجلاء وهي تجلس على كرسيها المتحرك في ركن بمنزلها الكائن بأحد الشوارع غير الممهدة بضواحي بعقوبة بالعاصمة العراقية بغداد.
وتضيف "رأيت صديقاتي يركضن إلى المدرسة، يمشين ويلعبن، ويفكرن فيما قد يفعلنه في المستقبل. وكل ما كنت أفعله هو الجلوس على الكرسي المتحرك وأفكر في أنني أرغب في الركض مثلهن".
فقدت نجلاء أطرافها في الثالثة من العمر في حادث يعتقد أن وراءه تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق.
باتت نجلاء منذ ذلك الحين من بين آلاف العراقيين الذين يعانون بسبب فقد أطراف من أجسادهم، في حوادث زادت وتيرتها في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام 2003.
نجلاء أخت لسبعة أطفال، وكانت نشيطة ولا تتوقف عن الحركة. لا تنتظر أبيها بل تذهب إليه عند سيارته حينما يعود من عمله بالقاعدة العسكرية التي يعمل فيها جنود عراقيين وأمريكيين.
ويتذكر الأب "في 19 أبريل 2008، قدت سيارتي نحو المنزل، بدأت نجلاء في الركض نحوي رافعة ذراعيها وعلى وجهها ابتسامة".
ويضيف صاحب 56 عامًا، والذي كان يعمل آنذاك في تكنولوجيا الاتصالات بالجيش العراقي "غادرت سيارتي لمساعدتها للجلوس على مقعد القيادة، ومع جذبي لبابها انفجرت القنبلة".
قالت نجلاء إنها شعرت لحظة الانفجار وكأن النار تشتعل بداخلها "رأيت ذراعي يطير في الهواء نحو منزل الجيران". ولم تشعر بساقيها.
وتضيف أنها ظلت بالمستشفى لثلاثة أشهر وحينما أدركت أنها فقدت ساقيها وذراعها بكت، وتقول "غضبت بشدة لأنني أدركت أنني فقدت كل شيء".
قبل خمس سنوات، أرادت أن تصنع شيئًا في وقت لا تستطيع فيه اللعب مثل زميلاتها، فبدأت لعب تنس الطاولة للتغلب على مشاعر الاكتئاب والحزن.
تحول الأمر إلى ولع باللعبة، وتواصل والدها مع أحد أصدقائه الذي يعرف أحد مدربي تنس الطاولة لذوي القدرات الخاصة، وبالفعل بدأت التدريبات.
كانت في الثانية عشر من العمر حينما صارت نجلاء أحد أفراد الفريق العراقي لتنس الطاولة لذوي القدرات الخاصة. تتدرب حاليًا لساعتين أو ثلاثة يوميًا في منزلها، وتسافر إلى بغداد للتدريب مع المنتخب العراقي وزملائها بالفريق.
حصلت نجلاء من اللجنة البارالمبية العراقية على أطراف صناعية، لكنها تقول "لأكون صريحة، لا شيء يضاهي امتلاك أرجل أو أذرع. لكن على الأقل أنا سعيدة بما أملك".