الأثنين, 05 أغسطس 2019 10:59 صباحًا 0 185 0
في الأدب العربي"الأم" امرأة مزيفة تحجب كل النساء
في الأدب العربي
تتميز المجتمعات العربية والمغاربية بحرية كبيرة جماعية وفردية في استعراض ثقافة ldquo;الكراهيةrdquo; عبر الخطاب الشفوي أو بالكتابة أو بالاعتداء الجسدي، وهي حالة لا تثير حرجا ولا تزعج المحيط الاجتماعي، بل يبدو السلوك عاديا وسليما ومُتَسامَحا معه، بل كثيرا ما يبرر ldquo;دينياrdquo; وldquo;عاداتياrdquo;، وتشترك في صناعة وإنتاج ldquo;ثقافة الكراهيةrdquo; الأسرة والشارع والمثقف والمربي والجاهل والسياسي على حد السواء.وفي المقابل ما أن يبدي مواطن آخر مظهرا من مظاهر ldquo;ثقافة الحبrdquo; كأن يعلن من خلال سلوك أو خطاب أو كتابة عن وضعية حب لامرأة أو أن يبدي غزلاhellip; وإذا به يبدو وكأنه خارج ldquo;القطيعrdquo;، فستهب القبيلة والأسرة والشارع والمثقف والإمام والمربي والقاتل والمجرم لإعلان حالة من الاستنفار، حالة من الاستنكار، فالحب يصنف في باب ldquo;المنكرrdquo;.الأم المزيفةداخل هذا التصرف الاجتماعي المتوحش المعادي للحرية الفردية والمناهض لقيم الجمال والحب تتم صناعة إنسان عربي ومغاربي في البرامج المدرسية وفي خطب المساجد وفي الشارع وفي الأسرة وفي الأحزاب السياسية بشكل عام.ويجب التوضيح بأن هذه الحالة المرضية لا تصيب المواطن العادي البسيط بل هي مستشرية في النخب الثقافية والجامعية أيضا، فنادرا، بل من التابوهات، أن تجد جامعة أو مركز بحث ينظم ندوة حول ldquo;الحبrdquo; أو ldquo;الجنسrdquo; أو ldquo;الجسدrdquo; كقيمة اجتماعية، فمثل هذه الأسئلة تتمnbsp; مُحارَبتها وبشراسة من قبل ldquo;جنود جبهة ثقافة الكراهيةrdquo; في مجتمعاتنا.إن الحب كما ldquo;احترام الاختلافrdquo; كما ldquo;العيش المشتركrdquo; ثقافة محاصرة ومطاردة من قبل المدرسة والشارع والأسرة والحزب والمثقف، من هنا نلاحظ أن النخب العربية والمغاربية التي يفترض أنها تنتج الأفكار الجديدة وتربي الأجيال على حلم ldquo;العيش المشتركrdquo; والمواطنة وقيم التعدد المتسامح وتشرف على البحوث وتكتب الكتب وتقرأ القصائدhellip; هذه النخب هي من تذيع، أو غالبيتها، في الأجيال الفكر المتسامح مع ثقافة ldquo;الكراهيةrdquo; ومع ثقافة ldquo;العنف ضد المرأةrdquo; والمناهض ldquo;للحبrdquo; بمفهومه السامي الذي تتحقق فيه حرية الفرد التي تكفلها حقوق الإنسان العالمية.انطلاقا من هذا السلوك الذهني والاجتماعي والسياسي أيضا تتشكل صورة نمطية عن المرأة في الواقع وفي الكتابة الأدبية والتعبيرات الفنية المختلفة الأخرى.فالمرأة في الكتابة، وفي غالب الأحيان، مختصرة ومختزلة في صورة ldquo;الأمrdquo; بكل أطياف ldquo;التقديسrdquo; القادمة من ldquo;الدينrdquo; ومن ldquo;الثقافة الشعبيةrdquo; ومن الأساطير، وأكثر رواياتنا هي مديح للأم، أو البكاء على الأم أو الشوق للأم، والمثقف الكاتب العربي والمغاربي مصاب بعقدة أوديب بشكل أو بآخر، وهي العقدة التي تخفي كمية القمع الذي يمارسه المجتمع على العلاقة السليمة والإنسانية المفترضة أن تكون ما بينnbsp; ldquo;الرجل والمرأةrdquo;.لذا وجدنا أنفسنا أمام نصوص تكتب ldquo;الأمrdquo; فَتُمَلِّكُها جميع الفضاءات، فضاء الحبيبة وفضاء الصديقة وفضاء العشيقة وفضاء الزوجة وغيرهن. فالكاتب المقموع داخليا بمجرد أن يفكر في ldquo;المرأةrdquo; عليه أن يمرر ذلك عبر مصفاة صورة ldquo;الأمrdquo; حتى يبرر حديثه عن الحب أو العشق أو الشوق.وتأخذ هذه العلاقة المرضية والملغومة بين الكاتب وشخصية ldquo;الأمrdquo;nbsp; شرعيتها وحرية ldquo;التصريحrdquo; بها من المتن الديني أو من الأخلاقي الزائف، والتركيز على صورة ldquo;الأمrdquo; في تجليات المثالية ldquo;الفضيلةrdquo; وldquo;النظافةrdquo; وldquo;الملائكيةrdquo; وldquo;اللاجسديةrdquo; هي حالة كبت جنسي وعاطفي يعاني منهما المثقف العربي والمغاربي، وكأن الأم ليست ldquo;امرأة/أنثىrdquo; لها رغباتها الجسدية الإنسانية الطبيعية.إن هذه العلاقة ldquo;المثالية الزائفةrdquo; القائمة بين الرجل العربي والمغاربي وصورة ldquo;الأمrdquo; والمكرسة اجتماعيا ودينيا وثقافيا هي التي تبعد الرجل العربي بما فيه المثقف الروائي والشاعر والمسرحي عن إنتاج علاقة سوية مع المرأة الحبيبة والزوجة والصديقة والبنت والأخت.وعقدة الشهوة لـrdquo;حليب الأمrdquo; تغطي على كل الشهوات الأخرى الطبيعية والجسدية التي يثيرها ldquo;وجودrdquo; المرأة.وحضور صورة الأم المثالية والنمطية يعمي الكاتب عن الوصول إلى تفاصيل صورة ldquo;الأنثىrdquo; المتعددة بكل ما تحمله من عمق إنساني مشبع بالإثارة والإغراء والمتعة والحب الذي يختلف عما تثيره شخصية ldquo;الأمrdquo;، انطلاقا من ذلك تبدو المرأة العاشقة بالمعنى الكامل للعشق غائبة، أو تكاد، في رواياتنا وفي أشعارنا، وحين توجد فهي ملعونة كما هي في رواية ldquo;الخبز الحافيrdquo; لمحمد شكري أو ldquo;التطليقrdquo; لرشيد بوجدرة أو ldquo;حديقة الحواسrdquo; لعبده وازن.حالة الشيزوفرينيانظرا إلى القطيعة الواضحة والعميقة ما بين الأدب العربي والفن التشكيلي، يلاحظ غياب ldquo;حضارة العينrdquo; وفلسفة ldquo;النظرrdquo; في ما يحيط بالأديب من أشكال مادية، كالجسد الإنساني والعمارة والألوان، وهو ما يجعل أدبنا وكأنه ldquo;أعمىrdquo;، وهذه حالة تجد تفسيرها ومبررها في الضغط الذي تمارسه ldquo;ثقافة الحشمةrdquo; المؤسسة على مقولة ldquo;غض الطرفrdquo; وثقافة ldquo;النفاقrdquo; الأخلاقي المتغلغلة في الوسط الاجتماعي على الكتابة وعلى الكاتب.nbsp;هذه الحالة سحبت الأدب العربي والمغاربي بشكل عام إلى الاعتماد على قيم ldquo;السماعrdquo; أكثر من ldquo;النظرrdquo; وبالتالي نجد النصوص مليئة بـldquo;آهاتrdquo; الحنين وldquo;اللوعةrdquo; وهي قادمة أكثر من فضاء ldquo;الموسيقىrdquo; وldquo;الحكايةrdquo; الشعبية التي تروى بعيدا عن ldquo;الضوءrdquo; وعن الوضوح، من هنا فالعلاقة الحميمية الجنسية ما بين الزوج والزوجة تقوم في ldquo;الظلامrdquo;، ويولد الأطفال من الظلام!والإنسان العربي بشكل عام شأنه شأن الكاتب أو المثقف لم يتخلص بعد من أيديولوجيا ldquo;الفحولةrdquo; المرتبطة بزمن ldquo;الفروسيةrdquo;، فهو يعتقد بأن الإمتاع والتمتع هما حالة ذكورية فقط وأن المرأة هي لإمتاع الآخر لا للمشاركة في خلق المتعة وصناعتها، المتعة التي هي فلسفة الجسد وطاقة الجسد الإنساني. في العالم العربي والمغاربي، يخضع المثقف اليساري والحداثي والمعاصر، الفيلسوف والشاعر والروائي والناقد التفكيكي والناقد البنيوي والناقد السيميائي، جميعهم يخضعون لمنطق الفقيه ويلبسون نساءهم لباس الفقهاء ويمارسون عملية البحث عن صورة أمهاتهم لـldquo;الحبrdquo; وعن ldquo;الأَمَةِrdquo; للجسد للمتعة في الشوارع.nbsp;إنها حالة الشيزوفرينيا التي تحولت إلى حالة طبيعية في السلوك الفردي والعام كما في بنية عقل المثقف العربي والمغاربي. انطلاقا من ذلك يمكن اعتبار الكتابة الأدبية العربية والمغاربية قائمة بين رؤيتين أساسيتين ldquo;رؤية ذكورية فروسيةrdquo; خارجة عن التاريخ ومعادية لمنطقه، وldquo;رؤية أوديبيةrdquo; تغرق في نفاق أخلاقي وسياسي وجمالي خارج ldquo;الحبrdquo; ومعادية له.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
مصدر الخبر: وكالة اخبار المرأة

محرر الخبر

عبد الله محمد
المدير العام
كاتب سياسى يعمل منذ 2005 فى جريده الاهرام

sss

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك

بلوك المقالات

الفيديوهات

الصور

أحدث التعليقات

الكاريكاتير

القنوات الفضائية المباشرة

أخبار الدوري المصري

استمع الافضل

آراء الكتاب

admin عبد الله محمد
صحفي في قسم تكنولوجيا, كاتب سياسى يعمل منذ 2005 فى جريده الاهرام
خطوات إنشاء وعمل موقع الكتروني على الانترنت
2021-02-02   
mohamed محمد سيف
صحفي في قسم الرياضة, كاتب صحفي، وناقد رياضي، ساهم في تأسيس مجلة "الأهرام الرياضي"
جلسة بين المهندس طاهر وزيزو لحسم ملف مدرب الأهلي الجديد
2016-02-02   
fahad فهد الأحمدي
صحفي في قسم سياسة, كاتب سعودي صاحب عامود حول العالم في جريدة الرياض
التسوية السعودية الإيرانية الى اين! من أجل استقرار المنطقة
2016-02-02   

آراء الكتاب 2

admin عبد الله محمد
صحفي في قسم تكنولوجيا, كاتب سياسى يعمل منذ 2005 فى جريده الاهرام
خطوات إنشاء وعمل موقع الكتروني على الانترنت
2021-02-02   
mohamed محمد سيف
صحفي في قسم الرياضة, كاتب صحفي، وناقد رياضي، ساهم في تأسيس مجلة "الأهرام الرياضي"
جلسة بين المهندس طاهر وزيزو لحسم ملف مدرب الأهلي الجديد
2016-02-02   
fahad فهد الأحمدي
صحفي في قسم سياسة, كاتب سعودي صاحب عامود حول العالم في جريدة الرياض
التسوية السعودية الإيرانية الى اين! من أجل استقرار المنطقة
2016-02-02   
hassan حسن المستكاوي
صحفي في قسم الرياضة, صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي
كيف يعود الزمالك وليس متى يعود الزمالك؟
2017-08-14